زيارة الإمام الحسين.. شعيرة دينية وغايات إنسانية متعددة
بعدسة: محمد الصواف
يتوافد الناس فرادى وجماعات على العتبات المقدسة بمناسبة وبغير مناسبة ويحضرون لقراءة الزيارات العامة والمخصوصة المأثورة عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فضلاً عن تلاوة القرآن والدعاء والصلاة ويتزاحمون للوصول إلى شباك الضريح الأنور ومسه وتقبيله.. ترى ماذا يريدون من وراء ذلك ؟ وما هي آثار الزيارة وخاصة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) الذي لا تنقطع زيارته على مدار السنة، ولكن تتعاظم أهميتها وتتزايد أعداد الوافدين على ضريحه المقدس في عاشوراء المحرم والعشرين من صفر؟!
<BLOCKQUOTE>
سعادة روحية :
</BLOCKQUOTE>
الزائر حسن أحمد من كربلاء يقول "تمثل زيارة الإمام الحسين خاصة السعادة الروحية من خلال حالة الخشوع لجلال الله وعظمته وقدرته وكذلك رحمته التي وسعت كل شيء حيث تتجسد هذه المعاني في الإمام الحسين وأستشعرها داخل ضريحه الأقدس وبعد الانتهاء من الزيارة أشعر بسعادة غامرة وفرح كبير وأحس بأن الله تعالى قد رضي عني وغفر لي كل ذنب اقترفته في حياتي..".
<BLOCKQUOTE>
ثواب الآخرة :
</BLOCKQUOTE>
ويقول الزائر رعد كاظم من الناصرية " إننا عندما نأتي لزيارة الإمام الحسين وخاصة في يوم عاشوراء نرجوا الثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى فقد أكدت الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام على فضل زيارة الإمام الحسين وعن الثواب الجزيل الذي يعطى لزائر الحسين.. ونفس الشيء بالنسبة لزيارة باقي الأئمة ولكن للحسين خصوصية وحتى أن النبي صلى الله عليه وآله قال إن قبر الحسين ترعة من ترع الجنة".
<BLOCKQUOTE>
انعكاسات نفسية :
</BLOCKQUOTE>
الزائر عبد علي جبارة من النجف يقول إن "للزيارة طعم خاص ولها انعكاس نفسي كبير لا يعرفه إلا الزائر الحقيقي فالزيارة والدعاء تحت قباب المعصومين تشبه المرآة الصافية التي تعكس على نفس الإنسان أشعة الرحمة والمحبة والخير وتفيض على النفس أيضا بإشراقات الارتباط بالله العظيم من خلال الارتباط الروحي بالإمام لأن الإمام هو النموذج البشري الكامل الذي يحمل مبادئ دين الله فالإنشداد إلى قبره وزيارته تشبه الانشداد إلى الكعبة .. والزيارة تصفي النفس والقلب من كل شك وريبة وخوف".
<BLOCKQUOTE>
مظاهر اجتماعية :
</BLOCKQUOTE>
ويرى الزائر كمال حبيب من الموصل أن "من آثار زيارة الأئمة تقوية العلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية حيث يجتمع الأفراد ضمن العائلة الواحدة أو العوائل المتعددة على حب الله وحب أهل البيت عليهم السلام ويتهيأون معنويا وماديا للسفر والحضور عند ضريح الإمام وتبدأ تحضيرات الطعام والشراب وتبادل الأحاديث مع الرفقاء وكذلك مع الزوار الآخرين الذين قد تلتقيهم وتتعرف عليهم أثناء الطريق أو داخل الصحن المقدس فكل هذه المظاهر الاجتماعية الجميلة التي تقوي العلاقات بالناس هي من فضائل الزيارة".
<BLOCKQUOTE>
غايات سياسية :
</BLOCKQUOTE>
ويجد الزائر محمد العتابي من بغداد في زيارة الأضرحة أهدافاً سياسية أيضاً فيقول "عندما تزور الإمام الحسين عليه السلام فإنك وبلا اختيار تستحضر المنهج السياسي الذي أسسه على طريق التحرير من نير العبودية والخلاص من الديكتاتورية ومحاربة الاستبداد السياسي في الحكم وبالتالي فالزائر يكبر هذا المنهج الرافض للظلم ويستلهم من حكمة الإمام ومواقفه الثورية الخالدة ويختزن في وجدانه قيم البطولة والتضحية والشهادة في سبيل الله والشعب وعلى السياسيين في عصرنا أن يتعلموا في مدرسة الحسين كما تعلم غاندي وماوتسي تونغ وغيرهم كيف يحرروا شعوبهم وبلدانهم من الاستعمار والدكتاتورية.
<BLOCKQUOTE>
منافع تربوية :
</BLOCKQUOTE>
ويتحدث الزائر عادل محمد جاسم من الحلة عن منافع تربوية للزيارة قائلا "إذا أردنا أن نربي أبناءنا التربية الصحيحة فعلينا أن نصحبهم للزيارة ونحدثم دائما عن الإمام وطريقة تعامله مع أبنائه وكذلك طريقة تعامل أبناء الأئمة مع والديهم ويجب التركيز هنا على السلوكيات وليس الأقوال التي يستعصي فهمها على الأطفال وإذا ما سأل الطفل أو الشاب عن أي أمر يشاهده أو يقرأه أو يسمعه خلال تجوالنا في أروقة العتبة المطهرة فيجب إعطاؤه الجواب الصحيح والواضح وإن كنا لا نملك الجواب فوراً فلا نغامر بإعطائه جواباً مغلوطاً وإنما نعده بالإجابة في وقت لاحق وهكذا نعلمه التثبت والصدق وعدم المكابرة على حساب الحقيقة ونربي فيه روح التعلم ونعوده على الطباع الجميلة الأخرى فالزيارة فرصة ذهبية لتربية وتعليم الأولاد بما توفره من أجواء حميمية".
<BLOCKQUOTE>
ثقافة عقائدية :
</BLOCKQUOTE>
الزائر عباس رحيم من الديوانية يلمس في قراءة نصوص الزيارات المروية برنامجاً أيدلوجياً ومعرفياً كاملاً فيقول " إن قراءة الزيارات المروية عن أهل أئمة أهل البيت عليهم السلام تزودنا بثقافة عقائدية أصيلة لأنها كلمات الأئمة المعصومين وهم النبع الصافي للدين والشريعة والأخلاق وهم القدوة الحسنة للأجيال، وهذه الزيارات تنطوي ألفاظ ومعاني سامية جداً وهي تعد منهاجاً لتعلم العقيدة الإسلامية وفيها عن كل شيء.. من الفكر والثقافة من السياسة من الأخلاق وتعزز الولاء وشرف الانتماء لهذا المذهب الكريم".
<BLOCKQUOTE>
استلهام العِبر :
</BLOCKQUOTE>
ويتفق العديد من الزوار الذي التقيناهم أثناء تجوالنا في الحرمين المطهرين الحسيني والعباسي وما بينهما في مدينة كربلاء المقدسة على أن الزيارة تقدم لهم الفرصة الذهبية لاستحضار وقائع التاريخ واستلهام العبر والدروس من صفحاته التي كتبت على الأغلب بدماء المصلحين ولا شك أن الحسين والعباس وبقية شهداء معركة الطف التي جرت على أرض كربلاء سنة 61 هجرية، هم سادة المصلحين وقادة الثوار في العالم.
تحياتي/روحي له الفداء